حكومة «ترامب».. اختيارات دقيقة لمهام حساسة

توجهت أنظار قادة العالم والمهتمين بالشئون العالمية خلال الشهر الماضى إلى

توجهت أنظار قادة العالم والمهتمين بالشئون العالمية خلال الشهر الماضى إلى

الولايات المتحدة الأمريكية، وسط حالة ترقب لاختيارات الرئيس المُنتخب دونالد ترامب لحكومته، وكانت من أكثر المناصب حساسية، التى تعجب الكثيرون من اختيارات «ترامب» للشخصيات التى ستقودها فى إدارته هو منصب مدير الاستخبارات الوطنية، الذى عين فيه الرئيس الأمريكى الجديد السيناتور الجمهورى السابق، عن ولاية «إنديانا» والممنوع من السفر إلى روسيا، دان كوتس.

صحيفة «ديلى بيست» الأمريكية، علقت على اختيار «كوتس»، قائلة إن «هذا الاختيار يرمى إلى تهدئة مخاوف أولئك الذين يعتقدون أن (ترامب) قد يتودد إلى الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، لا سيما أنه يرفض الاتهامات التى وجهتها الاستخبارات الأمريكية إلى موسكو بالوقوف خلف هجمات إلكترونية استهدفت الانتخابات الرئاسية الأمريكية»، ويعد «كوتس» واحداً من 6 سيناتورات و3 مسئولين فى البيت الأبيض فرضت عليهم «موسكو» حظراً على السفر إلى روسيا عام 2014، وذلك رداً على العقوبات التى فرضتها عليها واشنطن بسبب ضمها شبه جزيرة القرم، وقال «كوتس» وقتها إنه يشعر بـ«الفخر» لأن الكرملين فرض عقوبات عليه. فى الوقت ذاته، اعتبرت وكالة «تسنيم» التابعة للحرس الثورى الإيرانى، أن اختيار «ترامب» للسيناتور دان كوتس كمدير للاستخبارات الوطنية فى حكومته يأتى فى سياق رغبة الرئيس الأمريكى الجديد فى تشكيل تركيبة حكومية معادية لإيران، حسب تعبيرها، وتابعت الوكالة الإيرانية -تعليقاً على اختيار «كوتس»- بأنه «كغيره من مرشحى ترامب يعتبر من أشد المعارضين للاتفاق النووى».

الرئيس الجديد اختار أيضاً الجنرال المتقاعد، جون كيلى لتولى وزارة الأمن الداخلى، واعتبر «ترامب» فى بيان تعيين «كيلى» أن «الجنرال السابق فى البحرية هو الشخص المناسب للقيام بالمهمة العاجلة التى تقضى بوقف الهجرة غير الشرعية وتوفير أمن حدودنا»، ومن المقرر أن تتركز مهمة جون كيلى، فى وزارة الأمن الداخلى بتأمين الرقابة على الحدود الخارجية للولايات المتحدة والهجرة وعمليات التجنيس، وسيتولى أيضاً الأمن الداخلى، وأشارت وكالة «فرانس برس» إلى أن الجنرال «كيلى» سيكون الشخصية الرئيسية فى الإدارة الجديدة التى ستسعى إلى تحقيق أهداف دونالد ترامب فى تعزيز القتال ضد المتطرفين الإسلاميين ومواجهة الهجرة غير الشرعية، وتابعت أن «كيلى» أمضى 45 عاماً فى قوات مشاة البحرية (المارينز)، وتولى العديد من المناصب، بينها القيادة الميدانية فى العراق والاتصال السياسى فى «الكونجرس» قبل أن يختتم حياته المهنية قائداً للقيادة الجنوبية التى تشمل أمريكا الوسطى والجنوبية. وأكدت الوكالة الفرنسية أن «كيلى» سيتحمل مسئولية تحقيق الوعود الانتخابية التى قطعها «ترامب» للشعب الأمريكى ببناء جدار هائل على طول الحدود مع المكسيك لمنع دخول المهاجرين، وتشديد عملية فحص أوراق المهاجرين الشرعيين للتأكد من عدم وجود متطرفين إسلاميين بينهم، مشيرة إلى أن «كيلى معروف بصراحته القاسية»، كما أنه مُقرب من الجنرال جيمس ماتيس الذى اختاره «ترامب» وزيراً للدفاع. أما عن وزير الدفاع الجديد جيمس ماتيس، فإن «ترامب» أعلن أنه «جنرال بمعنى الكلمة»، ويُعرف «ماتيس» فى الأوساط العسكرية باسم «الكلب المسعور»، وقد سبق واتخذ مواقف صريحة ناقدة بشدة لسياسة إدارة الرئيس باراك أوباما الحالية تجاه الشرق الأوسط خاصة إيران، واصفاً إيران بأنها «أكبر تهديد محدق بالاستقرار والسلام فى الشرق الأوسط»، وأكدت قناة «بى. بى. سى» البريطانية أن تعيين «ماتيس» سيلقى «شعبية» بين القوات المسلحة الأمريكية.

واختار الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب، المسئول العسكرى المخضرم، الذى سبق أن واجه اتهامات بـ«دعم» روسيا الجنرال مايكل فلين، لشغل منصب مستشاره للأمن القومى. وأكدت مصادر فى الحزب الجمهورى أن الرئيس السابق لمديرية الاستخبارات التابعة لوزارة الدفاع الجنرال مايكل فلين، وافق على شغل المنصب، وكان «فلين» يقود الاستخبارات العسكرية فى الفترة من عام 2012 وحتى عام 2014، واستقال بعد نشوب خلافات بينه وبين فريق الرئيس الأمريكى باراك أوباما حول سبل تسوية الوضع فى سوريا، وسبق له أن تحدث عن نهوض تنظيمى «جبهة النصرة «و«داعش» فى سوريا، قائلاً إن ذلك «لم يكن مصادفة أو خطأ غير مقصود، بل جاء نتيجة تخطيط مدروس من قِبل فريق أوباما»، وقالت صحيفة «واشنطن بوست» فى تقرير سابق لها حول اختيارات «ترامب»، إن الأخير قرر اختيار كل من الجنرال جون كيلى وزيراً للأمن الداخلى والجنرال مايكل فلين كمستشاره للأمن القومى والجنرال جيمس ماتيس وزيراً للدفاع، ما يوضح «الاعتماد الكثيف لترامب على القادة العسكريين»، وأضافت الصحيفة أن ذلك يُعد «خروجاً عن المألوف»، لأن «الرؤساء السابقين اعتمدوا على المدنيين والسياسيين والأكاديميين والمحامين أكثر فى إدارتهم»، وأكدت «واشنطن بوست» أن «اختيارات ترامب الأمنية أثارت الخوف لدى أعضاء الكونجرس»، وقال السيناتور كريس ميرفى، من لجنة العلاقات الخارجية «أشعر بالقلق فهؤلاء القادة بالفعل لديهم فضل كبير علينا، لكننا لا ننظر إلى مشاكل العالم من خلال المنظار العسكرى وإذا فعلنا ذلك فقد نرتكب أخطاء كثيرة»، وتابع تقرير الصحيفة الأمريكية أن «ترامب يحاول أن يظهر من خلال اختياراته لحكومته بمظهر المتناقض مع باراك أوباما»، فيما صرح المسئول السابق بالخارجية الأمريكية خلال إدارة «أوباما» دانيال بنجامين للصحيفة أن «وجود عدد كبير من القادة العسكريين بالوظائف المدنية العليا هو مصدر قلق»، وقال المحلل السياسى الأمريكى مايكل ليدن فى مقال له على موقع قناة «فوكس نيوز» الأمريكية إن «اختيار وزراء أمنيين فى حكومة ترامب كفلين وماتيس، وهما من أشد المعارضين للاتفاق النووى مع إيران، يُعد مؤشراً قوياً على موافقة «ترامب» على هذه السياسات»، وفى الوقت ذاته، اختار ترامب أيضاً مايك بومبيو، عضو مجلس النواب الجمهورى عن ولاية «كنساس»، لتولى منصب رئيس الاستخبارات المركزية الأمريكية، وأشارت شبكة «سى. إن. إن» إلى أن «بومبيو» يشتهر بمواقفه اليمينية المتشددة، وكتب فى تغريدة له بعد ترشيحه للمنصب بأنه يتطلع إلى «إلغاء الاتفاقية الكارثية مع أكبر دولة راعية للإرهاب»، فى إشارة إلى الاتفاق النووى مع إيران، كما سبق واعتبر «بومبيو» أن «توسيع العقوبات على برنامج التسلح الإيرانى يعد أمراً أساسياً لحماية أمريكا»، منتقداً تعامل «أوباما» وإدارته مع إيران، قائلاً إن «إيران تتخذ رهائن أمريكيين، وحلفاءهم يقصفون السفن الحربية الأمريكية، بينما تعمل قيادتنا بقوة لإخراج الاقتصاد الإيرانى من مأزقه»، فيما أكدت وكالة «رويترز» أن «بومبيو» معروف أيضاً بمواقفه الرافضة لإغلاق معتقل «جوانتانامو»، وأضافت الوكالة أنه «من الداعين لاستمرار برامج التنصت الإلكترونى الخاصة بوكالة الأمن القومى الأمريكية»، وقالت صحيفة «يو. إس. توداى» فى تقرير لها عقب اختيار «بومبيو» إنه يُعد «ورقة رابحة فى إدارة ترامب الجديدة كما أنه يُمثل تهديداً لروسيا»، وبالإضافة إلى «بومبيو»، عين ترامب أيضاً السيناتور عن ولاية «ألاباما» جيف سيشنز لتولى وزارة العدل، الذى سبق وأعرب عن رفضه فكرة منع دخول المسلمين إلى الولايات المتحدة كفئة دينية، وكان أبرز وأكثر تعيينات الرئيس الأمريكى الجديد إثارة للجدل، هو اختياره للرئيس التنفيذى لشركة «إكسون موبيل» النفطية ريكس تيلرسون لتولى منصب وزير الخارجية، والمعروف بعلاقته الوثيقة بالرئيس الروسى فلاديمير بوتين، وقال الكاتب إندريس أوبنهامر، فى مقال له بصحيفة «ميامى هيرالد» الأمريكية، إن اختيار «تيلرسون» أثار «انزعاج» منظمتى العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش وغيرهما من جماعات حقوق الإنسان، مشيراً إلى أنه «بالإضافة إلى علاقاته الوثيقة مع روسيا فهو صديق لقادة بلدان أخرى من بين منتهكى حقوق الإنسان فى العالم»، وأكدت صحيفة «واشنطن بوست» أن اختيارات «ترامب» جاءت «تقليدية أكثر مما توقع الكثيرون»، فيما أشارت شبكة «سى.إن. إن» إلى أن المسئولين الذين اختارهم «ترامب» لمناصب فى إدارته بدأوا بالتخلى عن بعض مواقفه السياسية المعروفة، حيث أعرب كل من ريكس تيلرسون والجنرال المتقاعد جون كيلى والسيناتور جيف سيشنز -المرشحين لوزارات الخارجية والأمن الداخلى والعدل- عن آراء مخالفة لـ«ترامب» حول بعض القضايا الرئيسية، وحذر «تيلرسون» من مخاطر روسيا، وقال إنه سيدعم تسليح أوكرانيا، فيما قال الجنرال المتقاعد «كيلى» إنه سيلتزم «بكل تأكيد» بالقوانين الأمريكية التى تحظر استخدام الإيهام بالغرق وغيره من أشكال التعذيب، ويتعارض ذلك مع تصريحات «ترامب» بإعادة استخدام الإيهام بالغرق وأشكال «أسوأ» من التعذيب فى الحرب ضد الإرهاب، كما اختلف «سيشنز» المرشح لمنصب وزير العدل مع «ترامب» حول الإيهام بالغرق ورفض دعوته لفرض حظر على جميع المسلمين من دخول الولايات المتحدة.