في خطوة وصفها الكثيرون بأنها طعنة في ظهر تركيا ورئيسها رجب طيب أردوغان، أعلن مجلس النواب الأمريكي،
في خطوة وصفها الكثيرون بأنها طعنة في ظهر تركيا ورئيسها رجب طيب أردوغان، أعلن مجلس النواب الأمريكي،
الأسبوع الماضي، اعترافه بأغلبية ساحقة بـ "مذابح الأرمن".
الأسبوع الماضي، اعترافه بأغلبية ساحقة بـ "مذابح الأرمن".
وعلى الرغم من أن الإمبراطورية العثمانية هي المتهمة بارتكاب تلك المذابح، إلا أن تركيا ترفض وبشدة وصف ما حصل للأرمن في تلك الحقبة بـ "المجزرة أو الإبادة الجماعية"، بالرغم من اعترفها بها في عشرينات القرن الماضي قبل تأسيس الدولة التركية الحديثة.
وتعتبر قضية "مذابح الأرمن" حساسة للغاية خاصة في هذا الوقت، في ظل العلاقات المتوترة بين واشنطن وأنقرة بعد العدوان التركي على الأراضي السورية والذي تم الإعلان عنه الشهر الماضي، إضافة إلى شراء شركيا منظومة صواريخ الدفاع الجوي الروسية إس-400.
وردت تركيا على اعتراف الكونجرس بالمذابح على لسان وزير خارجيتها مولود جاويش أوغلو، حيث قال إن هذا التصويت جاء انتقاماً للعملية العسكرية في شمال شرق سوريا والتي أطلق أردوغان عليها إسم "نبع السلام". كما اعتبر أردوغان تلك الخطوة بأنها بلا أي قيمة حقيقية.
وبشأن أعداد القتلى من الأرمن، تقول تركيا إن عددهم لا يتجاوز 500 ألف أرمني، وإن تركيا كانت تعيش حرباً أهلية وراح ضحيتها أتراك أيضاً. إلا أن الأرمن يقولون إن الدولة العثمانية أبادت نحو مليون ونصف المليون أرمني خلال تلك الفترة الواقعة بين 1915 - 1917.
كما اعترفت 30 دولة أخرى بمذابح الأرمن، منها فرنسا وألمانيا وبلجيكا ولتوانيا وبلغاريا وهولندا وسويسرا واليونان والأرجنتين وأوروجواي وروسيا وسلوفاكيا والنمسا.
ماذا حدث ؟
وتعود مذابح الأرمن إلى فترة الحرب العالمية الأولى، والتي انهارت بعدها الدولة العثمانية.
وبحسب روايات الأرمن، فإن القوات العثمانية استهدفت أسلافهم من خلال القتل والاعتقال والتهجير، بالإضافة إلى التعذيب والاغتصاب ومصادرة الممتلكات، وذلك بسبب الشك في دعمهم لروسيا أثناء الحرب.
ويصف المؤرخون مذابح الأرمن بأنها "أول عملية إبادة جماعية في القرن العشرين".
ويقول المؤرخون إن نحو 2 مليون أرمني كانوا يعيشون في أراضي الدولة العثمانية مع بداية الحرب العالمية الأولى عام 1914. ولكن مع حلول عام 1922 انخفض عددهم إلى 400 ألف فقط.
ومنذ تأسيسي الدول التركية الحديثة، على يد مصطفى كمال أتاتورك، اعتمدت الحكومات التركية المتعاقبة على سياسة الإنكار ورفض الاعتراف بالإبادة الجماعية.
لما لا تعترف تركيا بتلك المذابح ؟
استعرض الكاتب خورشيد دلي، في مقال له على صحيفة الحياة اللبنانية ، الأسباب التي تقف وراء امتناع تركيا عن الاعتراف بمذابح الأرمن.
- التعويض
ويقول الكاتب إنه ووفقاً للتقارير التي صدرت بهذا الشأن، فإن حجم التعويض الذي سيترتب على تركيا دفعه في حال إقرارها بجريمة الإبادة ما بين 50 ملياراً إلى 105 مليارات دولار.
- إعادة الممتلكات
ويضيف الكاتب أن الاعتراف بالمذابح يفتح الباب أمام إعادة الممتلكات الأرمنية، حيث يعد هذا خط أحمر بالنسبة إلى تركيا يمس سيادتها وأراضيها.
وأوضح أن المسألة هنا تتجاوز التعويض المالي أو حتى ترميم بعض الكنائس الأرمنية والاعتراف بالحقوق الثقافية واللغوية، وتصل إلى المطالبة بالأراضي التي تعرف بأرمينيا الغربية حيث جبل أرارات الذي يعد رمزاً وطنياً للأرمن.
- إدانة للقادة الأتراك
يؤكد الكاتب أن الاعتراف بالمذابح هو بمثابة إدانة للقادة الوطنيين الأتراك الذين أسسوا الدولة التركية، ويحتلون مكانة قومية كبيرة في وجدان الأتراك وأحزابهم على اختلاف مشاربها القومية والدينية واليسارية.
وأشار إلى أن هؤلاء القادة هم من كانوا وراء الأوامر التي صدرت بعمليات اعتقال الأرمن وتجميعهم وقتلهم أو ترحيلهم، وادانة هؤلاء هي بمثابة ادانة لتاريخ الدولة التركية وضرب للأسس التي انشئت عليها، وللمفاهيم القومية والوطنية التي تربى عليها الأتراك.
- تغيير القانون
ويشير الكاتب إلى أن الاعتراف بالمذابح سيكون له تداعيات قانونية ودستورية في تركيا.
وأضاف أن المادة 305 من القانون التركي "تجرم أي شكل من اشكال الوصف أو الاعتراف بالإبادة الأرمنية، وكل من يقر بهذا الوصف معرض للسجن لمدة 15 سنة وفق القانون"، موضحاً أن الاعتراف بالمذابح يتطلب تغيير القانون التركي.
الأضرار السياسية والاقتصادية الواقعة على تركيا
وصوت مجلس النواب الأمريكي أيضاً على قرار يطالب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض عقوبات صارمة على تركيا، بما في ذلك عقوبات على مسؤولين أتراك رفيعي المستوى بالإضافة إلى حظر بيع أسلحة قد تستخدمها أنقرة في سوريا.
مما لا شك فيه أن الاقتصاد التركي سيتأثر في أعقاب تصويت الكونجرس، ولكن الحديث هنا عن حجم هذا التأثير.
وبالنظر إلى المؤشرات الأولية، تراجع سعر الليرة التركية مقابل الدولار بحوالي 0.2 بالمئة واقترابها من 6 ليرات مقابل الدولار.
ويعيش الاقتصاد التركي حالة من التوتر وعدم الاستقرار على الرغم من قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رفع العقوبات التي فرضتها بلاده على أنقرة.
وذكرت تقارير صحفية أن ترامب قد يستطيع فعلها مجدداً، حيث قد يضرب قيمة الليرة التركية وتخفيضها إلى معدلات أكبر من تلك التي وصلت إليها في حربه الأُولى قبل 3 أعوام، أي أكثر من 7 ليرات مُقابل الدّولار.
ولا يمكن للرئيس التركي أردوغان أن يواجه تلك العقوبات الأمريكية دون تغيير سياساته بمنطقة الشرق الأوسط والتي خلّفت أعداء كثر له، خاصة فيما يتعلق بالأزمة السورية.
وأفادت التقارير بأن تحالف أردوغان مع روسيا سيكون حاجزاً قوياً في مواجهة العقوبات الأمريكية.
وأضافت التقارير أن أردوغان عليه الإقدام على ما هو أكثر من ذلك، من خلال الانفتاح على جيرانه في الشرق والجنوب، وإحياء اتفاق "اضنة"، حيث أن تلك الاتفاقية التي تدعمها روسيا ضرورية لحماية الأمن القومي التركي، والانسحاب من الأراضي السورية لأن دمشق لن تقبل بالوجود التركي على أراضيها وستقاومه بكل ما أوتيت من قوة.
التعليقات