يقول موسى صبرى فى كتابه المهم عن حرب أكتوبر إن الخداع الاستراتيجى
يقول موسى صبرى فى كتابه المهم عن حرب أكتوبر إن الخداع الاستراتيجى
بدأ منذ تولي أنور السادات الحكم، حيث أعلن فى البداية أن ١٩٧١ سيكون عام الحسم ثم تعلل بالحرب بين الهند وباكستان، وفى ١٩٧٢ أعلن أنها نهاية حالة اللاحرب واللا سلم، من ثم ساد انطباع أن هذا الرجل لن يحارب، ثم غير وزير الدفاع الفريق صادق وطرد الخبراء السوفييت، فساد الانطباع أنه يفضل بقاء الوضع على ما هو عليه لكن لماذا اخترنا السادس من أكتوبر؟ يوافق يوم ٦ أكتوبر فى ذلك العام يوم «كيبور» هو أحد أعياد إسرائيل وهو عيد الغفران، وقد أعلنت مصر وسوريا الحرب على إسرائيل فى هذا اليوم لأسباب يذكرها محمد عبدالمنعم الجمسى رئيس هيئة العمليات للجيش المصرى خلال الحرب فى مذكراته، ويقول: (وضعنا فى هيئة العمليات دراسة على ضوء الموقف العسكرى للعدو وقواتنا، وفكرة العملية الهجومية المخططة، والمواصفات الفنية لقناة السويس من حيث المد والجزر درسنا كل شهور السنة لاختيار أفضل الشهور فى السنة لاقتحام القناة على ضوء حالة المد والجزر وسرعة التيار واتجاهه، وكان يوم السبت ـ عيد الغفران ـ ٦ أكتوبر ١٩٧٣، وهو أيضًا العاشر من رمضان أحد الأيام المناسبة، وهو الذى وقع عليه الاختيار. كلف الرئيس محمد أنور السادات اللواء الجمسى رئيس العمليات بعمل بحث عن أنسب الأيام لساعة الصفر، وقد وضع الجمسى ثلاثة مجاميع أيام وهي، المجموعة الأولى فى النصف الثانى من مايو ٧٣، المجموعة الثانية: فى شهر سبتمبر. المجموعة الثالثة: فى شهر أكتوبر، تم تأجيل ساعة الصفر فى المجموعة الأولى وذلك لأسباب سياسية. ولم تُنفذ ساعة الصفر فى المجموعة الثانية، وذلك بسبب نقص الأسلحة ساعة الصفر وتم الاتفاق على ساعة الصفر بأنها فى يوم ٦ أكتوبر، وقد تم ذلك فى حضرة الرئيس الأسد رئيس سوريا، وكل من أحمد اسماعيل وزير الحربية المصرى ومصطفى طلاس وزير الدفاع السورى. أسباب اختيار عام ٧٣ استكمال بعض الأسلحة والمعدات التى كانت تنقص الجيش المصرى، وصول معلومات تفصيلية إلى القيادة المصرية بأن إسرائيل قامت بعقد اتفاقيات عن عقود التسليح وعن الأسلحة ونوعياتها التى ستصلها فى عام ٧٤، لذلك فإن الانتظار إلى ما بعد عام ٧٣ سيعرض القوات المصرية إلى مفاجآت من الممكن ألا تستطيع على مواجهتها مواجهة صحيحة أو تكلف القوات جهودًا وتكاليف أكثر ونحن فى أشد الحاجة إليها. أسباب اختيار يوم ٦ أكتوبر بدأ هذا التحديد من برج العرب فى شهر يوليو ٧٣، حيث قام الرئيس السادات بالاجتماع مع الرئيس حافظ الأسد رئيس سوريا خلال رحلة سرية له إلى مصر، وفى هذا الاجتماع الذى استمر حوالى أربع ساعات صدر قرار جمهورى مصرى - سورى بتشكيل المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية - السورية برئاسة المشير أحمد اسماعيل الذى كان يحضر هذا الاجتماع، ومعه مصطفى طلاس وزير الدفاع السوري. واجتمع هذا المجلس سرًا فى الإسكندريه فى أغسطس ٧٣، وقرر المجلس تحديد موعد تقريبى للمعركة خلال شهرين من هذا التاريخ، وقد قام الرئيس السادات والرئيس حافظ الأسد فى حضرة المشير أحمد اسماعيل فى أوائل سبتمبر ٧٣ من تحديد يوم ٦ أكتوبر الساعة الثانية ظهرًا على أنها ساعة الصفر، وتم إبلاغ بعض القيادات فى القوات المسلحة الذين لهم اتصال مباشر بالحرب. وقد تم تحديد يوم ٦ أكتوبر على أساس: ١- يوم عيد الغفران عند الإسرائيليين ٢- قبل حلول الشتاء فى سوريا وظهور الثلج نظرًا لأن الأشقاء السوريين كانوا فى الحرب. ٣- اتمام وصول بعض الأنواع المعينة من الأسلحة. ٤- استخدام ضوء القمر والمد والجزر. كيف ضللنا العدو ببيانات عسكرية من الإذاعة المصرية؟ بعد ظهر يوم السادس من أكتوبر عام ١٩٧٣، بدأت القوات المسلحة فى خطتها لاستعادة سيناء، وأصدرت أول بياناتها، عبر الإذاعة المصرية بعد بدء تحرك القوات، وكان بيانًا خداعيًا كان نصه كالتالي: «هنا القاهرة جاءنا الآن البيان التالى من القيادة العامة للقوات المسلحة: قام العدو فى الساعة الواحدة والنصف من بعد ظهر اليوم، بمهاجمة قواتنا فى منطقتى الزعفرانة والسخنة فى خليج السويس، بواسطة عدة تشكيلات من قواته الجوية عندما كانت بعض من زوارقه البحرية تقترب من الساحل الغربى من الخليج، وتقوم قواتنا حاليًا بالتصدى للقوات المغيرة». فيما جاء البيان الثانى بتحرك قواتنا الجوية كالتالي: «هنا القاهرة جاءنا الآن البيان التالى من القيادة العامة للقوات المسلحة: بيان رقم اتنين ردًا على العدوان الغادر الذى قام به العدو ضد قواتنا، تقوم حاليًا بعض من تشكيلاتنا الجوية بقصف قواعد وأهدافه العسكرية فى الأراضى المحتلة». وجاء البيان الثالث يبرز نجاح مهام القوات الجوية كالتالي: «هنا القاهرة جاءنا الآن من القيادة العامة للقوات المسلحة البيان التالي: إلحاقًا للبيان رقم اتنين نفذت قواتنا الجوية مهامها بنجاح، وأصابت مواقع العدو بإصابات مباشرة وعادت جميع طائرتنا إلى قواعدها سالمة عدا طائرة واحدة هنا القاهرة». وجاء البيان الرابع يشير إلى الاشتباكات بين القوات البرية بالضفة الشرقية للقناة كالتالي: «هنا القاهرة جاءنا الآن من القيادة العامة للقوات المسلحة البيان التالي: البيان رقم أربعة حاولت قوات معادية الاستيلاء على جزء من أراضينا غرب القناة وقد تصدت لها قواتنا البرية وقامت بهجوم ناجح ضدها بعد قصفات مركزة من مدفعيتنا على النقاط القوية المعادية، ثم قامت بعض من قواتنا باقتحام قناة السويس مطاردة العدو إلى الضفة الشرقية فى بعض مناطقها، وما زال الاشتباك مستمرًا على الضفة الشرقية لقناة السويس هنا القاهرة». ثم جاء البيان الخامس كالتالي: «هنا القاهرة جاءنا الآن من القيادة العامة للقوات المسلحة البيان التالي: نجحت قواتنا فى اقتحام قناة السويس فى قطاعات عديدة واستولت على نقاط العدو القوية بها ورفع علم مصر على الضفة الشرقية للقناة هنا القاهرة».
التعليقات