يبدو أن العلمانية التركية أصبحت تلفظ أنفاسها الأخيرة، وذلك بعد القرارات الأخيرة
يبدو أن العلمانية التركية أصبحت تلفظ أنفاسها الأخيرة، وذلك بعد القرارات الأخيرة
التى اتخذها الديكتاتور العثمانى رجب طيب أردوغان، لجعل سياسة البلاد تسير مع ميوله الشخصية التى تحلم بعودة الخلافة وبناء شخصية السلطان.
فبعد أن شرعت الانتخابات الأخيرة ببقاء الرئيس رجب طيب أردوغان فى السلطة لخمس سنوات قادمة، يريد الديكتاتور العثمانى أن يترك بصمته على المجتمع التركى وعلى نظام الحكم.
إحكام السيطرة على الجيش
ولأن السلطان لم يحصل على أغلبية كاسحة كما كان ينتظر، فقام بإصدار قرارات وتشريعات لإحكام قبضته على البلاد، ومن ضمن هذه القرارات: تعيين قائد القوات البرية الجنرال يشار جولر، رئيسًا جديدًا لهيئة الأركان العسكرية، خلفا لخلوصى آكار الذى تولى حقيبة الدفاع فى التشكيلة الوزارية الجديدة، كذلك تم تعيين الفريق أول أوميت دوندار قائدًا للقوات البرية، والفريق متين جوراق رئيسًا ثانيًا للأركان العامة.
فى سياق متصل، دخل حيز التنفيذ مرسوم رئاسى تركى، يقضى بأن يقرر الرئيس الترقيات والتعيينات فى قيادة الجيش.
وكانت الترقيات وفق النظام البرلمانى السابق، تتم من قبل مجلس الشورى العسكرى الأعلى، الذى يلتئم برئاسة رئيس الوزراء، وهو المنصب الذى جرى إلغاؤه بموجب النظام الرئاسى، ويصادق عليه أردوغان.
الدولة العلمانية
صحيفة "التايمز" البريطانية، رأت أن الإجراءات الجديدة تأتى لإحكام سيطرة أردوغان على الجيش، الذى مثَل أكبر تهديد لسلطته منذ أن تولى رئاسة الوزراء عام 2003، لافتة إلى أن الجيش كان ينظر إلى نفسه على أنه حامى العلمانية التى أرسى دعائمها مؤسس تركيا الحديثة كمال أتاتورك.
فقبل حماية الحدود الجغرافية، عمل الجيش التركى على حماية الحدود الفكرية للدولة العلمانية على مدار عقود، كما ساهم فى بناء النهضة الاقتصادية الحديثة خاصة فى الفترة من 1960 وحتى منتصف الثمانينيات، وهى النهضة التى قدمها الجيش من أجل الشعب التركى وسرق ثمارها الرئيس الحالى رجب طيب أردوغان، الذى نسب الطفرة الاقتصادية التى تحققت بفضل اقتصاد الجيش لحزبه "العدالة والتنمية"، ليس هذا فحسب بل جر البلاد إلى خلافات إقليمية استنفدت العديد من تلك الإنجازات التى تحاول المؤسسة العسكرية الحفاظ عليها.
دولة الخلافة
على مدار مئة عام قام الجيش التركى بحماية الحدود من أى انتهاكات فى وقت تشهد فيه المنطقة حروب مشتعلة، كما ظل العين الساهرة لحماية النظام السياسى الداخلى والذى بناه أتاتورك على الرغم من محاولات أردوغان لجر الدولة العلمانية لدولة الخلافة، أما الآن، فقد تحوَل الجيش من حماية العلمانية التركية إلى حماية السلطان.
يذكر أن القوات المسلحة التركية شهدت حملة تطهير واسعة فى صفوفها بعد محاولة الانقلاب التى وقعت فى 15 يوليو 2016، استكملت بإلحاق رئاسة الأركان برئاسة الجمهورية، وإلغاء مجلس الشورى العسكرى، ليصبح رئيس الجمهورية هو القائد الأعلى للقوات المسلحة.
التعليقات