نعم لا زلنا في مصر نأخذ بظواهر الأمور لا بجوهرها. نتعامل مع سطح
نعم لا زلنا في مصر نأخذ بظواهر الأمور لا بجوهرها. نتعامل مع سطح
الأشياء من دون تعمق فنختزل الفكرة والمضمون والمعنى، فتتوه الحقيقة وتصاب الحياة بالمسوخ من كل اتجاه، فقط لأننا نرفض ارهاق أنفسنا بالتفاصيل.
خذ عندك مثلا التعديل الوزاري المرتقب وقد أضحى هدفاً في حد ذاته، غاية وليس وسيلة. يتحدث عنه الجميع ويتناولون ملامحه وتوقعاته وأسماءه وكأنه التعديل الأول أو الأخير. دون أن يتوقف أحد عند الهدف منه وأسبابه و الأسماء المرشحة للتغيير لنعرف فيما فشلت ولما فشلت في أداء مهامها؟ هل كان الإختيار خاطيء؟ أم أن انعدام معايير الإختيار؟ أم القوانين المديرة لعمل كل مسئول أعاقت تنفيذه لمهامه؟ و هل يعني التغيير حل المشكلة التي من أجلها طار المسئول غير مأسوف عليه؟ بمعنى أخر هل ذهاب "ألضو" ومجيء"شاهين" سيأتي بالأهداف في مرمى الشبكة؟ ثم ماذا يعني عرض الحكومة لأسماء الوزراء على مجلس النواب وفقا للدستور الذي يشترط موافقتهم؟ هل يتم عرض الأسماء أم السيرة الذاتية لكل مرشح؟ و على أي أسس تتم الموافقة أو الرفض لأسماء المرشحين؟ هل عرض المرشحون رؤاهم على مجلس النواب في كيفية علاج المشكلات في مختلف المؤسسات؟ نعم غابت تلك الأسئلة وغيرها لتعاملنا مع الأمور بظواهرها لا بجوهرها فبات التعديل الوزاري هدف رغم أنه وسيلة.
انتظر ولا تتعجل فتتهم الحكومة أنها تمارس ذلك من دونك. نعم فالكثير منا كمواطنين نمارس ذلك أيضاً دون محاولة لفهم ما يحدث حولنا حتي في أبسط الأمور فسادت فيما بيننا ثقافة الصوت العالي و غوغائية المشهد أيا كان اتجاهها. وخذ عندك مثلا قضية طالب الجامعة البريطانية أيمن موسى المحكوم عليه بالسجن 15 سنة بعد رفض الطعون في قضيته المعروفة بأحداث رمسيس 2013. فعلى مواقع التواصل الاجتماعي وفي قنوات الاخوان والجزيرة لا حديث إلا عن أيمن موسى وضرورة الإفراج عنه رافعين صوره قبل السجن وأثناء وجوده فيه-أي قبل وبعد- ليتعاطف الناس مع ايمن موسى دون فهم لحقائق الصورة. فالعفو المُطالب به مؤيدوا أيمن مرهون بدراسة حالته من جهات العدل والأمن لتبيان موقفه ووضعه ثم إرسال الصورة كاملة لرئاسة الجمهورية لإستخدام حق العفو الدستوري فيمن صدرت ضده أحكام نهائية إذا ثبت عدم خطورته على الأمن. لأن لا علاقة بجامعة دولية ومظهر وأدب و تربية ونادي للصفوة ينتمي لهم أيمن موسى كمتهم بما يحمله من تطرف. بدليل أن أيمن الظواهري زعيم القاعدة لا زال سيرة طيبة في حي المعادي كإنسان وطبيب معالج، وكذلك مرتكب حادث البطرسية وحادث اللوفر الذان قال عنهما الجميع أنهما غاية في الأدب و الإلتزام.
فالتطرف فكره تسيطر على عقل المؤمن بها فتتحول لعقيدة يسعى لتنفيذها بالقوة. الحقيقة الثانية تتمثل في أن أيمن موسى قُبض عليه في احداث قضية شهيرة لم يكن التظاهر هو التهمة الوحيدة فيها كما يُشاع بل كان هناك قتل وتخريب للمحلات ورفع أعلام داعش و رابعة في رمسيس بتاريخ 6 اكتوبر 2013. وقد تم الطعن على الحكم ورفض وبات حكما نهائيا بمعنى ان اكثر من دائرة نظرت القضية فإذا كان مرسي وعصابته قبلت طعونهم على الأحكام فمن غير المنطقي رفض طعون مجموعة من التابعين لهم. الأمر الأكثر غرابة هو أن أيمن موسى ليس المتهم الوحيد في القضية بل معه ما يزيد عن عشرة متهمين في نفس ظروفه طلاب وشباب إلا أن احدا لا يتحدث عنهم ولا يأتي على سيرتهم! هذا غير تضارب المعلومات في الصفحات المطالبة بالحرية له فتارة حرمته السلطات من اكمال تعليمه فضاع مستقبله، وتارة أنه يدرس العلوم السياسية في محبسه! وهناك من يتحدث عن حرمان السلطات له من حضور جنازة والده ثم تجد صفحة باسمه بها خطاب يتحدث عن حضوره عزاء والده؟!
يا سادة نحتاج لعمق الفهم وتعب البحث عن الحقيقة التي أضنت من غابت عنه بالتيه والغوغائية وتكرار الفشل. فهل من ساع لها؟
التعليقات