إبراهيم عيسى يكتب لـ المقال: تغيَّرت الأسماء واللواءات هى نفسها! عندما نقول إنه لا شىء تغيَّر فى
إبراهيم عيسى يكتب لـ المقال: تغيَّرت الأسماء واللواءات هى نفسها!
عندما نقول إنه لا شىء تغيَّر فى
نظام الحكم فى مصر بعد خمسة وعشرين يناير ولا ثلاثين يونيو فلا أكثر من الأدلة على صحة ما نقول، حتى إننا نحتار نختار إيه ولَّا إيه.
لكن على سبيل الذكرى التى تنفع المؤمنين، فها هى مناسبة الذكرى السادسة لثورة يناير تعيدك إلى حقيقة ساطعة أن الجهاز الأمنى فى مصر لم يتغيَّر على الإطلاق، وضباطه الذين كانوا سببًا فى تفجير غضب الشعب فى يناير 2011 هم أنفسهم الموجودون فكرًا وعقلًا وسياسة وتصرفات وخططًا وسلوكيات فى يناير 2017، ولو تبدَّلت الأسماء فهى لا تفرق إطلاقًا، فيبدو أنهم كلهم معبؤون فى نفس العبوات النفسية والعقلية التى لا تنتج إلا طريقة واحدة فى تخريب سلامة الوطن تحت ادعاء وزعم حمايته، فمنذ ست سنوات كان مقدمو البرامج والمسجلون خطرًا، المذيعون والبلطجية، هم سلاح نظام مبارك فى الأيام العشرة الأخيرة لحكمه.
المسجلون خطرًا والبلطجية فى الشوارع فى انفلات أمنى تشارك فيه الإهمال والضعف والجبن الأمنى مع مؤامرة الإخوان، بينما أمر وزير الإعلام قنواته ونشراته ومحطات رجال الأعمال ومقدمى برامجهم الذين أخلصوا فى تنفيذ التعليمات برفع درجة الفزع وتضخيم الفوضى واختراع الحوادث وتلقِّى المكالمات الهاتفية المفبركة واستحضار الفنانين ولاعبى الكرة ومشاهير الغوغاء من أنصاف المتعلمين ومن عتاة الجهل ومحترفى النفاق للتهجُّم على المتظاهرين وبثّ الأكاذيب على معتصمى ميدان التحرير ولعن الأجانب واتهام كل أجنبى فى مصر بأنه يحيك مؤامرة على البلد ويموّل ويدفع ويخطط للمتظاهرين من أجل إسقاط النظام.
هذا العبث الهرائى الذى كان مرميًّا على عقول وأسماع المصريين أراد به النظام ثلاثة أهداف:
الأول، تضخيم وتعميم الإحساس بالفوضى والانفلات الأمنى.
الثانى، الإلهاء عن المشاركة فى المظاهرات ودفع الناس للاستغراق فى حماية أنفسهم من اللصوص بدلًا من توجيه غضبهم للنظام.
الثالث، تحميل مسؤولية الفوضى وأسبابها وذرائعها على المتظاهرين، لتصب فى ما يتمناه ويأمله، وهو أن يربط الناس بين الثورة والفوضى من جهة، وبين الأمان والاستقرار ومبارك من جهة أخرى.
وربما خال هذا بالفعل على المواطنين وتحقَّق شىء من كل هدف عند بعض من القطاعات ولدى قطاع من الناس، لكن تصميم ملايين المصريين الآخرين الذين حافظوا على وعيهم من التلوُّث والتضليل على يد برامج الثامنة والتاسعة والعاشرة أجهضوا نجاح النظام فى خطته!
الخطة كذلك كانت تعمل جهدها كله على الطعن فى مجمل المتظاهرين واتهامهم بالعمالة والخيانة وبثّ الفوضى وأنهم مأجورون من حكومات أجنبية وشركاء مع أجانب فى ميدان التحرير يبغون مصر بسوء، وطبعًا لم يتورع أى من راقصى التنورة عن ترويج مخلص لهذه الأكاذيب، وكان طبيعيًّا والحالة هكذا أن تتحول القاهرة إلى مصيدة للأجانب، فلجان الحماية الشعبية المزودة بقاموس الكراهية وكتالوج الأفكار التافهة من مقدمى البرامج المسائية كانوا يهجمون على الأجانب ويطاردونهم فى حماقة، وفى السياق نفسه وفى محاولة للتذاكى المراهق كان النظام بتعليماته لمسؤوليه وإعلامه يقوم بمدح الشباب المتظاهر والإغداق عليه بالنعوت المدَّاحة النافخة من عظمته ونقائه بينما يضرب فى وطنية المظاهرات والمتظاهرين.
بذمتكم ودينكم، أليس هذا بالضبط الذى شهدناه من ذات الأجهزة (والبرامج) فى ذكرى يناير السادسة؟!
التعليقات