أعاد الرئيس السيسى الأسبوع الماضى الاعتبار لعيد النصر ومعه تضحيات كبيرة
أعاد الرئيس السيسى الأسبوع الماضى الاعتبار لعيد النصر ومعه تضحيات كبيرة
وأسطورية قدمها أهالى بورسعيد الأبطال ممن ضحوا بأغلى ما لديهم من أجل استقلال وطنهم وكرامته.. وكان الثمن غالياً من دماء أبنائهم وأملاكهم وأغلى ما لديهم فى مدينتهم التى ضربت المثل فى تحدى قوى الشر التى كانت تظن أن بلادنا كغيرها يمكن تركيعها بالقوة وبالإكراه فكان الدرس غالياً لقوى عظمى انهارت على أرض الكرامة والكبرياء!
ما يعنينا فى الأمر، رغم أنه يعنينا كله، هو رغبة الرئيس فى إعادة بناء المواطن المصرى.. وهذا لا يتم وتاريخ هذا البلد تم تزييفه عبر أربعين عاماً كاملة.. حتى إنهم قالوا للمصريين إن تاريخكم كله هزائم.. وإن ملحمة 56 هزيمة نكراء.. وراق الكذب للسلطة التى جاء كذب الإخوان ودعايتهم على هواها فى الانتقام من فترة تاريخية بعينها وتشويهها، وكانت النتيجة على حساب الشعب المصرى ووعيه وتاريخه، ولذلك يجب أن نتوقف عند كلمة الرئيس فى بورسعيد وهو يهنئ أهل المدينة الباسلة، وهو يؤكد على ضرورة نقل البطولات للأجيال وتعليمهم تاريخ بلدهم وأشار إلى إقامة متاحف لذلك ثم أضاف حرفياً: علشان يعرفوا بطولات «56 و67»!
الرئيس يشير إذن إلى بطولات تمت حتى فى حرب 67! إذن أين هى؟ وما هى؟ وكيف ومتى؟ بطولات فى النكسة؟ ولماذا إذن صدر لنا الإعلام وصدرت لنا شخصيات عامة الإحباط واليأس وبعضهم لا حديث له حتى اليوم إلا دعم الإعلام الصهيونى بتصدير البؤس للمصريين؟ ومنهم من نجح فيما فشل فيه إعلام العدو الإسرائيلى من التأثير على معنويات شعبنا البطل.. ولكن لهذا الموضوع حديث آخر طويل لكننا اليوم سنستجيب لكلام الرئيس وإليكم أسطورة من أساطير البطولة المصرية.. تمت وجرت على أرض مصرية.. لا يتذكرها أحد ولا يرويها أحد..
كنت قبل سنوات فى زيارة للشقيقة سوريا.. كنا فى الأردن مع بعض الأصدقاء فى مؤتمر الشباب العربى المقام بالأردن وقررنا الانطلاق لسوريا.. كنت ومعى نائب الزيتون الشاب الدكتور محمد عبدالغنى والكاتب الصحفى البارز الأستاذ رامى إبراهيم.. هناك كان والد صديقنا السورى قد أطلق على ابنتيه اسمين مصريين.. الأولى سماها أسوان حباً فى مصر.. والأخرى سماها شدوان.. كنا نعرف أسوان لكن ما الذى دفع هذا الرجل القومى العربى المحترم المؤمن بأفكار ومبادئ الزعيم الخالد جمال عبدالناصر ليسمى ابنته على اسم جزيرة مصرية.. كنا نعرف أن معركة عسكرية مع العدو الإسرائيلى جرت على أرضها لكنها معركة والسلام.. معركة كغيرها.. إلا أن القدر يسوق إلينا صدفة جديدة.. إذ قال لى أحدهم، وقد عاد بعد غربة طويلة، إنه كان على صلة بالصحفى الأمريكى «بوشينسكى» الذى كان مراسلاً لوكالة «يونايتيد برس» وكان يراسل معها صحيفة «شيكاغو نيوز» وإحدى الإذاعات الأمريكية، وقد روى له «بوشينسكى»، وقد يبدو اسمه بولندياً أو من إحدى دول شمال شرق أوروبا، الأسطورة كاملة، فقال وننقل عنه كلامه كاملاً حتى لا يقول أحد إننا نبالغ: «جزيرة بالقرب من ساحل البحر الأحمر تبعد عن الغردقة 35 كيلو وعن السويس 325 كيلو.. صخرية لا فائدة اقتصادية منها.. استخدمها المصريون لأعمال الإنارة الليلية للسفن ولكنها فى كل الأحوال أرض مصرية من حقهم حمايتها.. ولذلك توجد قوة مصرية صغيرة لهذا العمل.. إلا أن يوم 21 يناير من عام 1970-أى قبل ٤٧ عاماً بالتمام والكمال- تقدمت قوات بحرية من الموقع المصرى وطالبوهم بمكبر الصوت بالاستسلام.. رفض المصريون فأطلق الإسرائيليون عليهم النار بكثافة فرد الجنود المصريون وفوجئت القوة الإسرائيلية بمقاومة شرسة من المصريين لم تكن متوقعة، فلا فائدة من المقاومة أصلاً.. فالمعركة محسومة.. لكن مع اشتداد المقاومة من قوة صغيرة لقوات كبيرة اضطر الإسرائيليون إلى طلب الدعم الجوى فانطلقت قوات جوية من طائرات الهليكوبتر لكن استطاع المصريون إصابتها بشكل مباشر وعادت الهليكوبتر.. احتار الإسرائيليون فى الأمر فاضطروا إلى طلب الدعم من القاذفات الإسرائيلية التى أرسلت طائرات ميراج وسكاى هوك.. أصبحت البحرية الإسرائيلية تحاصر وتقصف الموقع المصرى الصغير.. ومعها الهليكوبتر وأخيراً الطيران الإسرائيلى إلا أنه فى هذه الأثناء أرسل القائد العسكرى لمنطقة البحر الأحمر قوات من الصاعقة المصرية ووصلت ببطولة مدهشة، واستمر القتال حتى نفدت الذخيرة وهنا يتدخل الأهالى لتوصيل الذخيرة عبر الصيادين وبعضهم سابحاً ممن يجيدون السباحة.. رغم هذه البطولة النادرة إلا أن «بوشينسكى» يروى أساطير من بطولات المصريين عن هذا الجندى المصرى الأسير الذى طلب منه الإسرائيليون أن يذهب لمجموعة مصرية متحصنة ليطلب منهم الاستسلام فيعود ليبلغهم أنه لا أحد فى الموقع، فيذهب الإسرائيليون فرحين للموقع، وهناك تحصدهم رصاصات رشاش ضابط مصرى! أو قصة جنديين رفعا راية الاستسلام وعند لحظة القبض عليهما يظهر جندى ثالث ليصفى الإسرائيليين، أو قصة جندى مصرى يقفز خارج خندقه فجأة رغم الهجوم المركز عليه، ويطلق قذائف رشاشة على الإسرائيليين ويحصدهم واحداً بعد الآخر ولا يتوقف إلا بعد نفاد ذخيرته، وسط ذهول إسرائيلى لا مثيل له!
ما لا يعرفه أحد أن هذه القوة المصرية الصغيرة قاومت البحرية الإسرائيلية، بلنشاتها ووحداتها البحرية الحربية وبقذائفها الرهيبة وعتادها وإمداداتها الكبيرة، ومدعومة بالطائرات الهليكوبتر والميراج والسكاى هوك.. وما لا يعرفه أحد أن قائد منطقة البحر الأحمر وقتها هو اللواء سعد الدين الشاذلى، وكان قد وضع خططاً لحماية الساحل والمنطقة كلها، وكانت تعليماته أنه لا استسلام ولا انسحاب.. وما لا يعرفه أحد أن المصريين برشاشاتهم أسقطوا الطائرتين الميراج والسكاى هوك، وما لا يعرفه أحد أن القتال استمر 36 ساعة كاملة ومتصلة، تابعها الرئيس عبدالناصر بنفسه، وما لا يعرفه أحد أن عدد القتلى الإسرائيليين بلغ الـ50، وهو عدد كبير بالنسبة لهم، وما لا يعرفه أحد أن الإسرائيليين انسحبوا فى النهاية فارين أمام أبطالنا يجرون أذيال الخيبة.. كل أذيال الخيبة!
التعليقات